قال العلامة ابن عثيمين:اعلم أن الدواء سبب للشفاء، والمسبب هو الله تعالى فلا سبب إلا ما جعله الله تعالى سببا، والأسباب التي جعلها الله تعالى أسبابا نوعان:النوع الأول: أسباب شرعية كالقرآن الكريم والدعاء كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في سورة الفاتحة: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ»، وكما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرقي المرضى بالدعاء لهم فيشفي الله تعالى بدعائه من أراد شفاءه بهالنوع الثاني: أسباب حسية كالأدوية المادية المعلومة عن طريق الشرع كالعسل، أو عن طريق التجارب مثل كثير من الأدوية وهذا النوع لا بد أن يكون تأثيره عن طريق المباشرة لا عن طريق الوهم والخيال، فإذا ثبت تأثيره بطريق مباشر محسوس صح أن يتخذ دواء يحصل به الشفاء بإذن الله تعالى. أما إذا كان مجرد أوهام وخيالات يتوهمها المريض فتحصل له الراحة النفسية بناء على ذلك الوهم والخيال ويهون عليه المرض وربما ينبسط السرور النفسي على المرض فيزول، فهذا لا يجوز الاعتماد عليه ولا إثبات كونه دواء؛ لئلا ينساب الإنسان وراء الأوهام والخيالات،ولهذا نُهي عن لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع المرض أو دفعه؛ لأن ذلك ليس سببا شرعيا ولا حسيا، وما لم يثبت كونه سببا شرعيا ولا حسيا لم يجز أن يجعل سببا فإن جعله سببا نوع من منازعة الله تعالى في ملكه وإشراك به حيث شارك الله تعالى في وضع الأسباب لمسبباتها، وقد ترجم الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- لهذه المسألة في كتاب التوحيد بقوله: (باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لدفع البلاء أو رفعه)مجموع الفتاوى لابن عثيمين (١/ ١١٠)

قال الشيخ ابن عثيمين:
" ولبس الحلقة ونحوها إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله؛ فهو مشرك شركًا أكبر في توحيد الربوبية ؛ لأنه اعتقد أن مع الله خالقًا غيره . وإن اعتقد أنها سبب ولكنه ليس مؤثرًا بنفسه ؛ فهو مشرك شركًا أصغر ؛ لأنه لما اعتقد أن ما ليس بسبب سببًا ؛ فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب ، والله تعالى لم يجعله سببًا"
مجموع فتاوى ورسائل العثيمين  (9 / 155)

قال العلامة ابن باز:والذي أرى في هذه المسألة هو ترك (الأسورة) المذكورة، وعدم استعمالها سداً لذريعة الشرك، وحسماً لمادة الفتنة بها والميل إليها، وتعلق النفوس بها، ورغبة في توجيه المسلم بقلبه إلى الله سبحانه ثقة به، واعتماداً عليه واكتفاء بالأسباب المشروعة المعلومة إباحتها بلا شك، وفيما أباح الله ويسر لعباده غنية عما حرم عليهم، وعما اشتبه أمره وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) ولا ريب أن تعليق (الأسورة) المذكورة يشبه ما تفعله الجاهلية في سابق الزمان، فهو إما من الأمور المحرمة الشركية، أو من وسائلها، وأقل ما يقال فيه أنه من المشتبهات، فالأولى بالمسلم والأحوط له أن يترفع بنفسه عن ذلك، وأن يكتفي بالعلاج الواضح الإباحة، البعيد عن الشبهة، هذا ما ظهر لي ولجماعة من المشايخ والمدرسين، واسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، وأن يمن علينا جميعا بالفقه في دينه والسلامة مما يخالف شرعه، إنه على كل شيء قدير.فتاوى الشيخ ابن باز (1/207)

وسئل علماء اللجنة الدائمة السؤال التالي :
اللجنة الدائمة
س: يعتقد بعض هواة الخواتم والأحجار الكريمة مثل (العقيق اليماني، والفيروزج الإيراني وغيرها) أن لها خاصية، وأن لها أسرارًا ومنافع ليست لغيرها من الأحجار الأخرى، ويروجون لذلك دعايات، ويستدلون بأحاديث، والأقوال التي ذكرها
صاحب كتاب (المستطرف)، وهي قول جعفر بن محمد ما افتقرت يد تختمت بخاتم فيروزج. وقولهم: قيل: الخواتم أربعة: الياقوت للتعطش، والفيروزج للمال، والعقيق للسنة، والحديد الصيني للحرز وقيل للخوف. وذكر من خواص الفيروزج أن النظر فيه يجلو البصر ويقويه وينشط النفس، ولا يصيب المتختم به آفة من قبل أو غرق. وقال جعفر الصادق : ما افتقرت يد تختمت بفيروزج. أما خواص العقيق فإن التختم به وحمله يورث الحلم والأناة وتصويب الرأي ويسر النفس، ويكسب حامله وقارًا وحسن خلق، ويسكن الحدة عند الخصومة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تختم بالعقيق لم يزل في بركة ). انتهى بتصرف. وهذه الأحاديث والأقوال تصور من هذا الكتاب وتوزع، ولما رأيت ذلك وسألت عنه قالوا: هذه أسرار وعندما ناقشتهم وقلت لهم: إن هذه الأحجار ليست أفضل من الحجر الأسود في الكعبة فيما أعلم، "وقد قال عمر بن الخطاب : إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك" . قالوا: إن الله جعل فيها من الخاصية، والتجربة أكبر دليل. وقد ذكروا بعض القصص، منها: أنه كان يوجد عند رجل خاتم
إذا لبسه الشخص وجامع لم ينزل حتى ينزعه من يده، حيث كان يستعيره العريس ليلة زواجه. ومنها: أن رجلاً ذهب إلى حلاق ليحلق رأسه فلم يستطع أن يحلقه، فسأله الحلاق عن السبب أخرج خاتمًا من كمره وأبعده ثم حلقه بعد ذلك. وغير هذه الحكايات كثير والله المستعان. والسؤال يا سماحة الشيخ: هل يصح في هذا الباب حديث صحيح أو قول يعوَّل عليه في هذه المسألة، وهل ما ورد في هذا الكتاب صحيح يحتج به، وهل لهذه الأحجار ميزات تميزها على غيرها؟ أفيدونا أفادكم الله.
ج: لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في فضل الخواتم والأحجار المذكورة ولا في خواصها، فلا يجوز أن ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله، وقد ثبت أنه قال: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" . كما لا يجوز أن يعتقد الإنسان في تلك الخواتم فضلاً، ولا يجوز تصديق ما ينسج حولها من قصص وخرافات. وكتاب (المستطرف) لا يجوز الاعتماد عليه في أمور العلم والدين. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
" انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (2/ 297 - 299) الفتوى رقم (21469).

  وذكر ابن القيم في (المنار المنيف) من جملة الأحاديث الباطلة: أحاديث التختم بالعقيق، قال العقيلي: لا يثبت في هذا شيء عن النبي صلى الله عليه و سلم.

Weitere Kategoriebeiträge